أتصفّح تعاستنا بعد كل هذه الأعوام , فيعلق الوطن حبراً أسود بيدي .ـ
هناك صحف يجب أن تغسل يديك إن تصفحتها وإن كان ليس للسبب نفسه في كل مرة. فهنالك واحده تترك حبرها عليك .. وأخرى أكثر تألقا تنقل عفونتها إليك .ـ
ألأنّ الجرائد تشبه دائما أصحابها, تبدو لي جرائدنا وكأنها تستيقظ كل يوم مثلنا, بملامح متعبه وبوجه غير صباحي غسلته على عجل، ونزلت به إلى الشارع. هكذا دون أن تكلف نفسها مشقة تصفيف شعرها, أو وضع ربطة عنق مناسبة.. أو إغرائنا بابتسامة .ـ
ـ25 أكتوبر 1988 .
عناوين كبرى.. كثير من الحبر الأسود. كثير من الدم. وقليل من الحياء .ـ
هناك جرائد تبيعك نفس صور الصفحة الأولى.. ببدلة جديدة كلّ مره .ـ
هنالك جرائد.. تبيعك نفس الأكاذيب بطريقة أقل ذكاء كل مرّة ....ـ
وهنالك أخرى، تبيعك تذكرة للهروب من الوطن.. لا غير .ـ
وما دام ذلك لم يعد ممكنا, فلأغلق الجريدة إذن.. ولأذهب لغسل يدي .ـ
****
مقتطف من رواية ذاكرة الجسد التي نشرت في ثمانينات القرن الماضي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق