علاء الأسواني
هذه هي المجموعة الثانية من مقالات الكاتب علاء الأسواني والتي نشرها على صفحات جرائد مصرية متنوعة حتى عام 2009م ، وفيها يبثنا الأسواني شجون الوطن ويشاركنا هموما وشواغل تدور حول الإنسان المصري الذي يمر بواحدة من مراحلة التاريخية الحرجة ، يطرح علا ء الاسواني على النقاش العام اسئلة عن قيمة الإنسان المصري الذي فقد كثيرا نم مكتسبات...ه اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا ، سنقرأ في هذا الكتاب مقالات مثل : " ظاهرة التدين البدلي " في المسألة القبطية " هل نستحق الديمقراطية ؟ " تأملات في المهزلة ، لماذا يكره الغربيون الإسلام ، هل تصلح الديمقراطية لحكم المسلمين ؟ كم يساوي الإنسان المصري ؟ هواية الإذلال المصريين .. وغيرها الكثير
مقتطفات :
إننا لن نستحق الديمقراطية ولن نحققها أبدا إلا إذا كنا مستعدين للنضال والتضحية من أجل تحقيقها
فالحاكم المنتخب من الشعب يظل مدينا للناس بمنصبه ويحرص دائما على ارضائهم لأنهم يستطيعون إقصاءه عن منصبه في أي يوم ، أما الحاكم المستبد الذي يفرض سيطرته بالقمع فهو لا يعبأ بمواطنيه لأنه يعلم أنه يستطيع أن يقهرهم ويعتقلهم وبعذبهم ويفلت من أي عقاب أو مساءلة ، إن الإنسان المصري لن يسترد كرامته إلا بالديمقراطية الحقيقية
فإن مبنى الشورى لم يعد يمثل لدى معظم المصريين - كما يفترض أن يمثل - قيمة تاريخية وأثرية كبيرة ، ولكنهم يعتبرونه المكان الذي تتخذ فيه القرارات الظالمة الفاسدة وبالتالي فهم لم يشعروا بالخسارة لاحتراق مجلس الشورى بقدر ما اعتبروا ذلك رمزا لعقاب إلهي يستحقه الظالمون ... بل وجدوا في مشهد الحريق فرصة للشماته فيمن يحكمونهم بالحديد والنار ، في هؤلاء الذين تسببوا في إفقارهم وبؤسهم ، إن اللامبالاة التي اظهرها الناس وهم يشاهدون النار تلتهم مجلس الشورى ليست إلا تعبيرا سياسيا عن الغضب والإجساس بالظلم والكراهية العميقة لمن يحكمهم ... ولكن الحريق كان في بيت الظالمين فوقف المظلومين يتفرجون ولم يكن بإمكانهم أن يمنعوا أنفسهم من الشماتة
إن حرية الأختيار تجعلنا مسئولين حتى ولو كانا أطفالا ، وأن المشاركة في السلطة تدفعنا إلى الإنتماء وأننا لا يمكن أن نحس بكرامتنا وآدميتنا إلا إذا كنا احرارا
أذكر قداسة البابا بخطيب الثورة العظيم القمص سرجيوس الذي وقف خطيبا في الأزهر فقال :
إذا كانت ذريعة الإنجليز لاحتلال مصر هي حماية الأقباط .. فيمت الأقباط وليعش المسلمون أحرار
النظام المصري الذي يسخر كبار مسئوليه دائما من أي حديث عن الكرامة والإرادة الوطنية باعتبار أن كل هذه الشعارات فارغة .. ويؤكدون أن غاية ما يهدف إليه الإنسان في الحياة هو تأمين حياته ورزق أولاده .. وهذا المنطق يؤدي بالضرورة بصاحبه إلى قبول الإهانات مادامت مدفوعة الثمن ، وقبول الذل ما دام يؤدي إلى وفرة الطعام !
إن الإنسان لا يعيش فقط من أجل أن يأكل ويشرب ويتناسل ... بل إن أهم ما في هذه الحياة لا علاقة له بالأكل والشرب واللذة الحسية ... ويعلمنا التاريخ أن الأمم العظيمة جيمعا قد شيدت مجدها ـ بالتحديد ـ عندما تخلت عن حسابات المكسب والخسارة بل إن الفرق بين الأمة العظيمة والشعوب الذليلة المستعبدة هو الاستعداد للتضحية من أجل الكرامة ومعاني الشرف
أن الحرية تنتزع بالمممارسة ولا تطلب ولا تستجدى
أن القانون في الدول الديمقراطية بقدر تشدده في حماية سمعة الأفراد العاديين ، يسمح بأقصى درجات النقد للمسئول ... والفكرة هنا أن من ينتقد مسئولا عاما لا يكون دافعه شخصيا وإنما غرضه المصلحة العامة ...من هنا يوفر النظام الديقراطي الحماية الكاملة لكل من ينتقد المسئولين مهما تجاوز في نقده ... والمسئولون في الدول الديمقراطية قد تعودوا على قسوة النقد
وهم يعتبرون ذلك جزءا من أعباء المنصب العام
يحكى أن الرئيس الأمريكي ترومان جاءه ـ ذات يوم ـ أحد وزراءه يشكو من قسوة الهجوم عليه في الصحف الأمريكية فاستمع إليه ترومان بهدوء ثم ابتسم وقال : إذا قررت أن تعمل خبازا فلا يحق لك أن تشكو من حرارة الفرن ...
وفي فرنسا جريدة اسبوعية شهيرة تصدر كل اربعاء منذ عام 1915 اسمها " البطة المقيدة " تخصصت في السخرية من كبار المسئولين في الدولة الفرنسية ، وقد كان الجنرال ديحول يضيق ذرعا بسخرية هذه المجلة لدرجة أنه لم يكن يحتمل قراءتها فكان كل أربعاء يسأل مساعديه : ماذا كتبت البطة اللعينة عني هذا الصباح؟
كل هذه الأمثلة تؤكد حقيقة واحدة : أن ما يسمى بإهانة رموز الدولة تهمة وهمية لا وجود لها في النظام الديمقراطي فلا يوجد في الديمقراطية رموز للدولة وإنما يوجد مسئولون انتخبهم الشعب لخدمته ومن حقه أن ينتقدهم ويعزلهم عن طريق الانتخابات الحرة
.إن التعبيرات ( إهانة رموز الدولة ) و ( تكدير السلم الإجتماعي ) و الحض على ازدراء النظام ) و ( إثارة البلبلة ) إلى آخر هذه التهم السخيفة من مخترعات الأنظمة الاستبدادية للتخلص من المعارضين وتكميم الأفواه حتى يفعل الحالكم المستبد ما يريده في الوطن والناس فلا يجرؤ أحد على مساءلته .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق