إلياس أبو شبكة
البلد:لبنان
تاريخ ميلاده من:1903 تاريخ وفاته 1947 ميلادي
مَلِّقـيـه بحـسـنـكِ الـمـأجـورِوادفعـيـه للانـتـقـام الكـبـيـرِ
إن في الحُسـن يـا «دليلـةُ» أفعًـىكـم سمعنـا فحيحَهـا فـي سريـر
أسكرتْ خدعـةُ الجمـالِ «هِرَقْـلاً»قبـل «شمشـونَ» بالهـوى الشِرّيـر
والبصيرُ البصيـرُ يُخـدَع بالحُـسْــنِ، وينقـاد كالضَّريـر الضـريـر
ملّقـيـه، فاللـيـلُ سـكــرانُ واهٍيتلـوَّى فـي خِــدره المسـحـور
ونسـورُ الكهـوفِ أَوْهَنَهـا الـحُـبْـبُ، فهانـتْ لـديـه كالشُّـحـرور
وعنـا الليـثُ للّـبـوءة كالـظَّـبْــيِ، فمـا فيـه شـهـوةٌ للزئـيـر
شَـبِـقَ اللـيـثُ ليـلـةً فتـنـزّىثائـراً فــي عريـنـه المهـجـور
تقطـرُ الحُمّـةُ المسعّـرة الـشَّـهْــهَـاءُ منـه، كأنـه فـي هجـيـر
يضـربُ الأرضَ بالبراثـن غضبـانَ، فيُصـدي القُنـوطُ فـي الديجـور
ووميـضُ اللظـى يُغلّـف عيـنَـيْــهِ، فعيـنـاه فـوهـتـا تـنّــور
ونـزا مــن عريـنـه تتشـظّـىحِمـمٌ مـن لظـاه فـي الزمهـريـر
واللهاثُ المحـمـومُ مــن رئتـيـهِيُشعل الغـابَ فـي الدُجـى المقـرور
فسرى الذعـرُ فـي الذئـاب، ففـرّتْوترامـى إلـى عـشـاش النـسـور
وإذا لـبـوةٌ، مـخـدّرةُ الـحُــسْــنِ، تـردّتْ مـن كهفهـا المحـدور
تنضـح الـلـذّةُ الشهـيّـة منـهـا:خمـرةٌ مــن جمالـهـا المـأثـور
فتنـثّ العبيـرَ فـي مخـدع اللَّـيْــلِ، فتَشهى حتى عـروقُ الصخـور
فتلاشـى اللهيـبُ فـي سيّـد الـغـابِ، أميـرِ المـغـاور المنـصـور
والعظـيـمُ العظـيـم تُضعـفـهُ أُنْــثـى، فينقـادُ كالحقيـر الحقـيـر
مَلّقـيـه فـفـي أشـعّـة عيـنَـيْــكِ صبـاحُ الهـوى وليـلُ القبـور
وعلـى ثغـركِ الجمـيـلِ ثـمـارٌحجبتْ شهوةَ الـرّدى فـي العصيـر
ملّقيـه، فبـيـن نهـديـكِ غـامـتهوّةُ المـوتِ فـي الفِـراش الوثيـر
هــوّةٌ أطلـعـتْ جهـنّـمُ منـهـاشهـواتٍ تفجّـرتْ فـي الـصـدور
ملّقيـه ففـي ملاغـمـكِ الـحُـمْــرِ مساحيـقُ مـعـدنٍ مصـهـور
يسـرب السـمُّ مـن شُفافتهـا الحَـرْرَى إلى ملمس الـردى فـي الثغـور
خيّم الليـلُ، يـا «دليلـةُ» فـي الغـابِ، وأغفى حتى الشذا فـي الزهـور
فانشقي فورةَ الحـرارةِ مـن جِـسْــمي، وغذّي قُـواكِ مـن إكسيـري
أنـتِ حسنـاءُ مثـلُ حيّـةِ عَــدْنٍكـورود الشـارونِ ذات العـطـور
وكغُفْـر الوعـلِ الوديـع، وإن كُـنْــتِ، تناجين عقربـاً فـي الضميـر
لستِ زوجي ، بل أنتِ أُنثـى عُقـابٍشـرسٍ فـي فــؤاديَ المسـعـور
فاشْتهـي، كـلَّ ليلـةٍ مخلبـي الـدامي علـى خـزّ جسمِـكِ المخمـور
وأتى الصبحُ ضاحكَ الوجـهِ يُرغـيزبـدُ النـورِ فـي ضحـاه الغريـر
أين «شمشونُ» يا صحارى «يهوذا» ؟أيـن حامـي ضعيفـكِ المستجيـر؟
أين قاضيكِ، دافعُ الضيمِ ، طاغي الْــمُستبدّيـن، صـائـنُ الدسـتـور؟
أَعْوَرَتْ شهـوةٌ مـن الحُـبِّ عينـيْــهِ، وكم أعورَ الهـوى مـن بصيـر
إن قـاضـي المستعبَـديـن لَعَـبْـدٌوقضـاةٌ عُـورٌ قـضـاةُ الـعُـور
حفلـتْ قـاعـةُ العِـقـاب بجـمـعٍمـن سُــراة المسـوّديـن غفـيـر
هم رمـوزُ الشقـاقِ والفتـن الحَـمْــراءِ والغـدر والزنـى والـغـرور
أقبلـوا يشهـدون مصـرعَ «شمشـونَ» علـى لـذّة الطِّلـى والـزمـور
أَيُديـنُ الخاطـي جنـاةٌ صعـالـيــكُ، ويقضي الفجورُ ذنبَ الفجـور؟
وسرتْ خمرةُ الوليمـةِ فـي الحَـفْــلِ لتقـديـس سـاعـةِ التكفـيـر
وكـأن النسـيـمَ شُــوِّق للـخَـمْــرَةِ، فانسـلّ مـن شقـوق الخـدور
ولنقـرِ الدفـوف صـوتٌ غـريـبٌيتحـدّى صـوتَ العِقـابِ الأخـيـر
وإذا قيـنـةٌ تَخالَجَـهـا الـسُّــكْــرُ علـى مشهـدٍ مـن الجمـهـور
فتثنّـتْ تُضاجـعُ الـجـوَّ نـشـوىمـن تلـوّي قوامِـهـا المـحـرور
رقصةُ الموتِ، يـا «دليلـةُ»، هـذيأم تُراهـا اختلاجـةً فـي الخمـور؟
وصغـا الجمـعُ للأسيـر يُـنـاديــهِ بشـتّـى مطـاعـنِ التحقـيـر:
«هيه شمشونُ، أيهـا الفاجـرُ الـزِّنْــديقُ، يـا عبـدَ «يهـوهَ» المقهـور
أحكـيـمٌ مــن العـتـاة تُــذرّيشَعـرَه قينـةٌ مــن المـاخـور؟»
فتلوّى «شمشونُ» فـي القيـد، حتـىحـلّ فـيـه روحُ الإلــهِ القـديـر
فنـزا نـزوةَ الوميـضِ مـن الغِـلْـلِ، ودوّى كنافـخٍ فـي صُــور:
«بـدّدي، يـا زوابـعَ النـارِ، أعـداءَ إلهـي، ويــا جهـنّـمُ ثــوري
وتنفّسْ، يا مَوقـدَ الثـأرِ فـي صَـدْرِي، وأَغرقْ نسلَ الرِّيا في سعيـري
وامصصي، يا «دليلةَ» الخبثِ، من قَلْــبي ، فكم مرّةٍ مصصـتِ قشـوري
وارقصـي، إنمـا البراكيـنُ تغـلـيتحـت رجليـكِ كالجحيـم النـذيـر
وتغـنّـي بمصـرعـي، فكـثـيـراًما سمعـتُ الفحيـحَ فـي المزمـور
أصبـح الليـثُ فـي يديـكِ أسيـراًفاطرحـيـه سُخـريّـةً للحـمـيـر
واجعلي الغـلَّ رمـزَ كـلِّ صريـحٍواليواقيـتَ رمـزَ كــلِّ غَــدور
إن أكـن سُقـتُ فـي غرامـكِ شَـرّاًفالبـرايـا مـطـيّـةٌ لـلـشـرور
غير أني أجنـي مـن الجِيَـف الجَـرْداءِ - مهمـا قـذرتِ - شهـدَ قفيـر
هيكـلَ الإثـم، لـم أُبِـحْ لـكَ ذُلّـيشبـحَ الـرقِّ، لـم أُسلِّمـكَ نِـيـري
فاسْقطـي يـا دعائـمَ الكـذبِ الجـانـي، وكُونـي أسطـورةً للـدهـور
محـق اللهُ فــيَّ شــرَّ ظـلامـيفلتُضِئْ فـي الحيـاة حكمـةُ نـوري
إن تكـن جـزّتِ الخيانـةُ شَـعـريفي ضلالي، فقُوّتـي فـي شُعـوري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق